Awesome Image
Awesome Image
2015
2015-07-19 15:58

تجربة اليابان مقارنة بالتجربة المصرية

هناك جملة من الأسباب المختلفة الكامنة وراء معجزة النهضة اليابانية الحديثة والدور الياباني المتنامي في إدارة وتنمية الموارد البشرية، حيث تعتبر اليابان حالة رائدة فى مجال التنمية الشاملة في كل مناحي الحياة في ظل ظروف طبيعية غير ملائمة مثل افتقارها الشديد للموارد الطبيعية، وتاريخها الإقطاعي، وظروف دخولها المجتمع الدولي، ومع ذلك استطاعت خلال فترة بسيطة أن تنهض من هزيمة عسكرية ودمار اقتصادي لتصبح أحد أبرز المنتجين والمصدرين والممولين العالميين، فقد كانت تستند إلى رأسمال بشري وفكري على درجة مرتفعة من الكفاءة والتطور؛ لذلك تعد المدرسة اليابانية التنموية من أهم النماذج العالمية التي يجب أن يحتذى بها؛ فهي تتمتع بوجود قاعدة معلومات واسعة المدى وسوق عمل يحتوي على أفضل العناصر البشرية.

واليابان كما نعرف بلدٌ متعاونٌ يقدر قيمة العمل الجماعي ويدركون قيمة العلم العمل في رقي المجتمعات، لذلك كانت نهضتهم الاقتصادية الهائلة التي لا تنكرها العقول، فلقد استطاعت اليابان بسياساتها الرشيدة وبشعارها الإستراتيجي (السلام والتنمية) أن تجد لها طريقًا رائدًا في التطور يمثل نقطة التلاقي بين الغرب والشرق، واستطاعت أن تحقق تطورًا وإنجازًا لم تنجزه أكبر الدول في هذا العالم، حتى وصلت إلى غزو العالم اقتصاديًّا مطلع القرن الحادي والعشرين، رغم أنها تعاني من ندرة في مواردها الطبيعية، كما أن الطبيعة لم تهبها إلا القليل من موارد الثروة المعدنية، فلم يعد أمامها وسيلة لتجد فرصتها للحياة الكريمة إلا أن تحاول الاستغلال الأمثل لمواردها البشرية فهي ثروتها الأساسية وأغلى أصولها، فوضعت كل تركيزها بعد الحرب العالمية الثانية على كيفية استخدام إمكاناتها البشرية بالطريقة التي تساعدها على تحقيق وفورات تمكنها من سد احتياجات السكان من الغذاء واحتياجات التصنيع من الموارد المادية.

وقد نهجت الإدارة اليابانية بالوسائل العلمية على إشعار الفرد بأن هناك منفعة متبادلة بينه وبين المنظمة التي يعمل معها، وأن هناك مصلحة مشتركة بينهما، فكل ما يبذله من جهد من أجل بقاء المنظمة واستمرارها ونجاحها، وتقدمها يعتبر ضمانًا لبقائه ونموه وتقدمه، والعمل ضمن فريق عملوالتحلي بروح الفريق وإتقان العمل الإداري وتحويله إلى قيمة اجتماعية مرتبطة بالثقافة اليابانية والابتكار والتطوير، إلى غير ذلك من المبادئ والمفاهيم الإدارية الفعالة، ولعبت اليابان دورًا فريدًا في تاريخ العالم، فقد كانت أول دولة آسيوية تواجه قوى العولمة، فتنجح في السيطرة عليها وتوجيهها نحو خدمة مصالحها الخاص، حتى بدت مظاهر النهضة اليابانية في صور عديدة منها احتلال اليابان الدرجة الثانية بين الدول الرأسمالية المتقدمة بعد الولايات المتحدة الأميركية من حيث المستوى الصناعي والمركز الأول بالنسبة إلى بعض المنتجات (الراديو والترانسيتور) وبناء السفن وناقلات النفط، والترافق بين التقدم الصناعي والزراعي وتطبيق أحدث التقنيات العلمية في مجال الزراعة، وحفاظها على المستوى العالي من التأسيس التكنيكي لصناعة المعادن وتقدم صناعة السيارات حيث تنتج سنويًّا أكثر من سبعة ملايين سيارة.

بقلم أ/ أسامة عامر

اشراف ومراجعة د/ محمد سهل