Awesome Image
Welcome to AM Law Firm
We gladly announce that our firm now offers a specialized team dedicated to navigating complex anti-dumping and anti-subsidy cases, check our practice areas for more information
Awesome Image
2015
2015-03-10 17:54

التجربة الماليزية مقارنة بالتجربة المصرية

مع بداية الألفية الجديدة سطع اسم ماليزيا وبدأ في الظهور وبدأ العالم أجمع يشيد بالنجم الآسيوي الذي أصبح أحد أبرز النمور الاقتصادية الآسيوية التي يشار إليها بالبنان، وانكشف سر هذه النهضة الضخمة وظهر أنه "التعليم"، فالدول بدون تعليم جيد لا قيمة لها، وهذه الحقيقة التي أدركها بوضوح رئيس الوزراء الماليزي "مهاتير محمد" وبدأ بها في بناء دولته الحديثة، فالتجربة الماليزية تجربة تستحق التقدير والاحترام لأنها مرت بظروف مماثلة لما تمر به مصر الآن، ولكنَّ رئيس وزرائها كان يعمل بإخلاص حقيقي من أجلها وكانت له رؤية حقيقية لتطوير بلاده ونهضتها، وكان التعليم من أهم الوسائل الفعالة لتحقيق هذه الرؤية التي نجحت في نقل ماليزيا من مصافِّ الدول النامية إلي مصافِّ الدول المتقدمة.

فعندما تولي مهاتير محمد رئاسة وزراء ماليزيا عام 1981 كانت دولة فقيرة يعيش حوالي 25٪ من سكانها تحت خط الفقر، ولكنه قرر إحداث نقلة حقيقية في بلاده، ومن هنا وضع خطة لتطويرها وتنميتها اعتمدت علي عدة ركائز أساسية هي: وحدة البلاد، وتجنب الصراعات والخلافات بين السكان والاهتمام بالتعليم والتصنيع، ومن ذلك نجح مهاتير محمد في نقل بلاده من دولة زراعية فقيرة تعتمد على تصدير بعض السلع البسيطة مثل المطاط والقصدير إلي دولة صناعية متقدمة، وبذلك تمكن خلال 22 عامًا قضاها في منصبه من القضاء على الفقر، ورفع متوسط الدخل من 1247 دولارًا في العام إلي 8862 دولارًا عام 2002، وانخفضت نسبة البطالة بين الماليزيين إلي 3٪ فقط.

وقد اهتم مهاتير بالتعليم اهتمامًا كبيرًا بجميع مراحله، فجعل مرحلة التعليم ما قبل المدرسة جزءًا من النظام الاتحادي للتعليم، واشترط أن تكون جميع دور رياض الأطفال مسجلة لدى وزارة التعليم، وملتزمة بمنهج تعليمي مقرر من الوزارة، وفي المرحلة الثانوية أصبحت العملية التعليمية شاملة، حيث يدرس الطالب بجانب العلوم والآداب مواد خاصة بالمجالات الفنية والمهنية التي تمنح الطلاب فرصة تنمية وصقل مهاراتهم، بالإضافة إلي إنشاء الكثير من معاهد التدريب المهني التي تستوعب طلاب المدارس الثانوية، وتؤهلهم لدخول سوق العمل في مجال الهندسة الميكانيكية والكهربائية، كما قامت الحكومة الماليزية عام 1996 بوضع خطة تنمية شاملة من أهم أهدافها إدخال الكمبيوتر وربطه بشبكة الإنترنت في كل مدرسة، بل في كل فصل دراسي، حتي بلغت نسبة المدارس المرتبطة بشبكة الإنترنت عام 1999 تقدر بـ 90٪ من المدارس الماليزية، كذلك تم إنشاء العديد من المدارس الذكية التي تساعد الطلاب علي دراسة التكنولوجيا والتعامل مع التقنيات الحديثة من خلال مواد متخصصة في أنظمة التصنيع وشبكات الاتصال ونظم استخدام الطاقة النظيفة، وقامت الحكومة بزيادة المخصصات المالية للتعليم وبناء المدارس الجديدة، خاصة المدارس الفنية، وإنشاء معامل للعلوم والكمبيوتر ومنح قروض لمواصلة التعليم العالي داخل وخارج البلاد.

واعتمدت ماليزيا سياسة التركيز على التصنيع للخروج من دائرة الركود، فمرت بمراحل مختلفة انتهت بأن تكون ماليزيا دولة مصدرة للصناعات العالية التكنولوجيا بعد أن كانت تصدر مواد خامًا على رأسها المطاط، وتمكنت المصانع الماليزية من تطوير إنتاجها وغزو الأسواق العالمية بمنتجات أكثر تقدمًا وأجود صنعًا، وبفضل هذا التوجه ارتفعت صادرات ماليزيا من أقل من خمسة مليارات دولار عام 1980 إلى 100 مليار دولار عام 2002.

كما تم التوجه إلى التوسع في برنامج الخصخصة الذي يعتمد على تمليك المواطنين الشركات العامة، وذلك بعد أن نجحت الدولة في تكوين بنية أساسية واقتصادية ضخمة، يمكن الاعتماد عليها في تحقيق النهضة، وأرادت أن تتخفف من تبعات هذه الملكية فقامت بتحويل ملكية المشروعات العامة إلى الأفراد والقطاع الخاص الوطني، وهو ما أوجد حالة من الرواج وتحسين العديد من المؤشرات الاقتصادية للدولة، مثل العجز في الموازنة، والدين العام، وعدد العاملين بالدولة.

كما اتسمت تجربة ماليزيا في المصرفية الإسلامية بالتدرج، ولاقت نجاحًا كبيرًا، وحرصت هذه التجربة على المؤسسية وتوفير العديد من المنتجات المصرفية الإسلامية التي تناسب احتياجات المجتمع، وقد تخلت الدولة عن ملكيتها للمصرف الإسلامي الماليزي من خلال البورصة حيث تمتلك الآن 13.5% فقط من مجموع أسهم البنك.

إن هذه التجربة تستحق الاحترام لأنها تجربة نهضة حضارية ينبغي الوقوف عليها والأخذ بها لتحقيق نهضة مصرية حقيقية، من خلال الاهتمام الحقيقي بالبنية التحتية وتشجيع الاستثمار الأجنبي وتحقيق الانسجام بين القطاعين الخاص والعام ورعاية المشروعات المتوسطة والصغيرة، كذلك يجب العناية بالعملية التعليمية فهي محور التنمية الحقيقية وإيفاد البعثات التعليمية لكل دول العالم، وإقامة العلاقات العلمية مع الدول المتقدمة علميًّا وتكنولوجيًّا لنقل العلوم والتكنولوجيا، والارتقاء بالتعليم الفني لإخراج عمالة ذات كفاءة عالية تعمل وفق منهجية علمية وليس بشكل عشوائي، والعمل على وقف كل أشكال الفساد، من هنا نبدأ وتكون لنا الصدارة.

بقلم أ/ أسامة عامر

اشراف ومراجعة د/ محمد سهل

اشراف عام أ/ مصطفى نوفيق